أبرز ما يميز عكار العتيقة : هي الثروة التي تتمتع بها وتنفرد بها عن باقي قرى القضاء منها الثروات الطبيعية والمائية والأثرية ، والتي تشكل كنزاً لايستهان به ، ذلك أن الموقع الذي تتميز به القرية والحصن الذي بني فيها ، قد أغريا الكثير من الغزاة لأن المنطقة الساحلية لايمكن السيطرة عليها دون الإستيلاء على هذه المواقع ، تكاد أن تكون عكار العتيقة متحفاً متناثراً إذ إذ كل حارة أو حي من أحياءها ينفرد بمعلم أثري يختلف عن المعلم الآخر الموجود في :المنطقة ، ولعل أبرز الأماكن الأثرية هي
أولاً : الحصن ” حصن عكار” أو “القلعة ” أو “القصر الأمير يوسف باشا سيفا”
ظل هذا الحصن في حوذة أحفاد ( محرز بن عكار) الى سنة 414 هجري، يوم استولى عليه صالح بن مرداس حاكم حلب وبعد عشر سنوات ضمت الى السلطنة المصرية في زمن الزاهر من الخلفاء الفاطميين ثم انتقل هذا الحصن سنة 487 هجري الى السلجوقيين في زمن تاج الدولة تتش ، بعد ذلك استولى عليه الافرنج بعد أن هزموا صاحبه أتابك طغتكين، وعندما توافدت الحملات الصليبية فتح الصليبيون حصن عكار واستولى على سهل البقيعة وحصون المنيطرة وعكار ، وعندما قامت دولة المماليك الأولى في مصر والشام علم السلطان بيبرس بمكانة هذا الحصن وذلك بسبب إطلاله على طريق طرابلس – حمص – بعلبك وقيمته الحربية فلم يلبث الا أن هاجمه بعد أن فتح حصن الأكراد واستولى عليه سنة 1271 ميلادي. وبعد أن فتحت طرابلس في أيام السلطان قلاوون، نقل والي تلك الأنحاء مركزه من حصن عكار، ولما فتح العثمانيون بلاد الشام وانتصروا على المماليك في معركة مرج دابق 1516 ميلادي، ابقى السلطان سليم التقسيمات الإدارية فيها على ما كانت في عهد المماليك ،فأبقوا على الأمراء المحليين بصفة تابعيين وعلى التنظيمات المحلية.
كان حصن عكار تحت سيطرة آل سيفا الذي دام حكمهم للمنطقة منذ 1579 ميلادي حتى عام 1640 ميلادي وكما نعلم كانوا ولاة لمدينة طرابلس فس حقبات متفاوتة.
انتقل أيام حكم الأمير يوسف باشا سيفا للمنطقة حيث نقل مركزه من الضيعة الى الحصن بعد أن رممه واستحدثه مقراً له، وعندما هاجم الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير السيفيين في عكار العتيقة أتى على قصورهم ( هدمها) ومنهم قصر الأمير السيفي يوسف باشا سيفا (1618م) بعد أن حاصره لعدة أسابيع ودخله لنفاذ المؤن وكانت معركة ضارية كما يقول جوزيف إليان في كتابه ( بنو سيفا ولاة طرابلس). ورغم الدفاع المستميت الذي أظهره المقاتلون من آل سيفا فإن الأمير المعني لم يتراجع ودخل البلدة وقتل جند بني سيفا فقتل منهم الكثير ولجأ الباقون مع الأمير السيفي الى داخل القصر(القلعة) وكان ذلك في الثامن من آذار من السنة المذكورة

ثانيا : المطاحن
لقد عرف الإنسان الأول السكن الى جانب الأنهار والأراضي الصالحة للزراعة ولهذا السبب عرفت عكار العتيقة التجمع السكاني منذ أقدم العصور ونظراً لوفرة المياه تم استحداث المطاحن بالقرب من الأنهر لطحن الحبوب .
فقد انتشرت على ضفاف الأنهار عدة مطاحن منها : مطحنة عين طايا – مطحنة عين السعدان – مطحنة عين الجسر – مطحنة حديا …….

ثالثا : الجوامع (المساجد)
عرفت عكار العتيقة المساجد منذ دخولها الاسلام ولعل أبرز من اهتم ببناء المساجد هم المماليك ( السلطان قلاوون الصالحي) والسلطان بيبرس ولم يبق أثر لمسجد السلطان بيبرس سوى اللوحة التي نقشت على مدخله والتي تقول : البسملة… جدد هذا الجامع في أيام مولانا السلطان العالم العابد الغازي المجاهد المؤيد المظفر المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون الصالحي قسيم أمير المؤمنين، خلد الله ملكه بمرسوم المقر العالي المولوي الأميري الكبيري السيفي أعز الله نصره بلبان السلاحدار كافي الممالك الشريفة بإشارة الجناب العالي الأميري الكبيري العلمي أدام الله عزه سنجر الجمقدار، نائب السلطنة المعظمة بحصن عكار المحروس وذلك بشهر ذي الحجة سنة ستة وثمانين وستماية بولاية العبد الفقير بكجري، ولكن مع الأسف الكتابة التي ذكرتها محفورة على حجر كبير تمت سرقته والجامع الذي كان مبنياً أصبح بوسط الساحة أساسه تحت الطريق.
أما جامع السلطان قلاوون تم ترميمه وهو اليوم بما يسمى الجامع الكبير في الضيعة وهناك آثار لجامع وجد محرابه صدفة أثناء تشييد البناء في محلة الحارة .

رابعاً: التكية
وهي محطة للحجاج، وكما نعرف كانت عكار العتيقة ممر للغزاة والفاتحين والحملات التي جاءت الى لبنان، والتي انطلقت من لبنان باتجاه سوريا ، لذلك الذي يريد الحج كان يأتي ليستريح في عكار العتيقة في التكية، وهي من كلمة اتكأ أي استراح، فكانت استراحة للحجاج الذي كانوا يأتون من سورية الساحلية أو ذاهبين الى سورية الساحلية، لم يكن هناك منفذ سوى هذا الطريق فكان إجباري أن يمروا بعكار العتيقة لأن طريق سهل عكار لم تكن مأهولة ،وكان فيها غابات وحيوانات مفترسة ولصوص، فكانوا يستريحون في هذه التكية التي رممها يوسف باشا سيفا كما يقول نص المنحوتة الموجودة حتى اليوم فوق المدخل، وكان السقا سليمان وهو ولي ، يسقي الحجاج الذاهبون والقادمون من الحج لذلك سمي السقاء.
